السبت، 2 يناير 2016

القانون الجمركي المصري والقوانين الأخرى



       بالنظر لكون القانون الجمركي يقوم على تنظيم العلاقة بين الدولة باعتبارها سلطة ذات سيادة وإفراد فهو إذن يعتبر فرع من فروع القانون العام إلا انه اكتسب أخير القدر من الاستقلالية حيث قادر على ضبط حركة التجارة الخارجية وربط وجباية الضرائب الجمركية وفق سياسة معينة تضعها الدولة ولضمان مرونة هذا القانون وإستمراريته فقد تضمن القواعد الأساسية الدائمة التي لا تتأثر بالتغير السريع للأوضاع كنصوص تشريعية في صلبه أو نصوص في نفس الوقت تعطى لوزير المالية ورئيس المصلحة سلطات لإصدار القرارات والقـواعد لتنظيم ومواكبة التطوير دون المساس بجـوهـر القانون وبـالـرغم مـن ذلك فإن القانون الجمركي وثـيـق الصلة بغـيـره مـن الـقـوانـيـن نوجـزها   فـيمـا يلي :

1 . صلته بالقانون الدستوري :
       القانون الجمركي تمتد جذوره الأساسية من الدستور فالعدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة فلا يجوز إنشاء الضرائب أو تعديلها أو إلغائها الإعفاء منها إلا بقانون وكل أتفاق يرتب زيادة أو نقص في هذه التكاليف يكون مخالفا للدستور.

2 – صلته بالقانون الإداري :
        القانون الجمركي وثيق الصلة بالقانون الإداري مما دفع البعض إلي القـول بأنه فرع من فروع القانون الإداري باعتباره ينظم العلاقة بين الإدارة الجمركية باعتبارها سلطة عامة و بين أفراد المتعاملين معها وانه ينظم الحقوق والامتيازات وذلك باعتبار إن الإدارة الجمركية جزء من التنظيم الإداري للدولة تتمتع بكافة حقوق وامتيازات السلطة العامة .

       كما أن القرار الوزاري للسلطة الجمركية يعد سند تنفيذي يتيح لها استخدام القوه الجبريه للتنفيذ في أغلب الأحوال دون ضرورة إلي اللجوء إلي القضاء لاستصدار أمر قضائي.

3 - صلته بالقانون الجنائي :
       لكون القانون الجنائي يحدد الأفعال المعاقب عليها والعقوبات المقررة لكل من هذه الأفعال المجرمة بهدف الردع عـن ارتكاب تـلـك الجرائم.

       يلاحظ أن القانون الجمركي بتجريمه بعض الأفعال المتصلة بحركة التجارة الخارجية وتقرير عقوبات جنائية منها عقوبات مالية ومنها المقيدة للحرية وذلك بقصد الردع أيضا لمن يرتكب هذه الأفعال.

       إلا أنه لغالبية الطابع المالي في الجرائم الجمركية ولضمان حرية التجارة وعدم عرقلة مسيرة التطور نلاحظ أن العقوبات المقيدة للحرية في القانون الجمركي لم توضع إلا ضمانا لاحترام وتنفيذ القواعد المالية وسداد المستحقات الجمركية للخزانة العامة وينجلي ذلك في استقلال القانون الجمركي في  تحريك الدعوى العمومية وكذلك منحه حرية سحب هذه الدعوى في أي مرحلة من مراحل التقاضي فضلا عن قواعد التصالح والتي بها تنقضي الدعوى الجنائية .

4 - صلته بالقانون الدولي :
       باعتبار أن القانون الدولي ينظم العلاقة بين الدول والتي تندرج تحتها المعاهدات والاتفاقيات الدولية فإنه يلاحظ أن أي اتفاقية اقتصادية أو جمركيه أو تفضيلية تعد بمثابة مصدر من مصادر القانون الجمركي.

5 - صلته بالقانون الضريبي :
       باعتبار القانون الضريبي ينظم القواعد العامة لفرض الضرائب وإجراءات ربطها وتحصيلها وحقوق وامتيازات الخزانة وطرق فض النزاع وغيرها .

       يلاحظ أيضا أن الضريبة الجمركية تمثل جزء من الإيرادات العامة للدولة وكذلك الإدارات الجمركية تخضع تبعيتها لوزارة المالية ويتم توجيهها بالتنسيق مع وزير المالية من حيث الهدف وخلافه من هنا يلاحظ ثمة تشابه وثيق بين القانون الجمركي و القانون الضريبي.

       وعليه يتضح لنا أن القانون الجمركي فرع من فروع القانون العام وهو ذات صلة عميقة بجميع أفرع القانون وبالرغم من ذلك إلا أنه له خصائصه وتميزه التي تدفعه إلي استقلاليته وذاتيته .

        كما أنه في مجال التجريم نلاحظ أن قواعد القانون الجمركي تتميز بمميزات تختلف عن القواعد العامة في قانون العقوبات بالنظر لطبيعته المالية سواء كانت بارتكاب فعل غيـر مشروع فهي قواعد عادة ما تخرج عن المألوف عن تلك القواعد بقانون العقوبات وإن كان يخفـف من ذلك مانظمه القانون الجمركي من قواعد لا تسمح بتجريم الدعوى الجنائية إلا بطلب من السلطة المختصة .

        وكذلك في قواعد التصالح فنرى أن القانون قد يوفر قدرا من الرعاية للمتهم إذا ما أقدم على التصالح حتى ولو بعد صدور حكم نهائي وذلك لما يتفق مع الأهداف المالية للقانون الجمركي.

       وهكذا يبدو أن ثمة شكل ومفهوم معين لقانون الجمارك يؤكد استقلاليته وذاتيته وأن القواعد التي تنظمه منسجمة مع الأهداف المناط  تحـقـيـقـها وأن تحـقـيـق هذه الأهداف لا تسمح بتطبيق قواعد وقوانين أخرى مما يفرض عليه الصبغة الذاتية لقانونيته . وننتهى إلي القول بأنه بالرغم من الصلة الوثيقة للقانون الجمركي  بأفرع القوانين الأخرى إلا أنه ذا ذاتية خاصة تتمثل في ذاتيته العلمية والتشريعية والقانونية .